بسم الله الرحمن الرحيم
إإنكم ابتليتم بى اصبروا أجزل الله ثوابكم
وإنى عزمت أنن أحرر سيرة من أحببت من الشعراء وفى منتداكم وجدت غايتى حيث الهدوء التام
ول مرحب بإضافاته و تعليقاته
تأبط شرا هو ثابت بن جابرالفهمى من شعراء الصعاليك المتميزين من بنى فهم القيسين المضريين
كنيته أبو زهير على ما قيل وقد عاش فى منطقة الجحاز قرب الطائف وجمع عصابة اشتهرت بالإغارة على قبائل خثغم و هذيل والأزد
شاع فى شعره وصف الجن والغيلان.وهو خال الشنفرى الشاعر
مات أبوه جابر فى صغره وأمه أميمة ويقال أنها من بنى القين-بطن من بطون فهم-وزعموا أنها تكنى أم الأشرار
سر تسميته بتأبط شرا
فيها روايات كثر ولكن أرجاها وأقربها للواقع أنه خرج وقد احتمل سيفا أو رمحا فسئلت أمه عنه قالت لا أدرى تأبط شرا ثم خرج
وقيل ببيت قاله وهو قوله
تأبط شرا ثم راح أو اغتدى **** يوائم غنما أو يشيف على ذحلوأسباب أخر ظاهرة البطلان لعبت فيها الخرافة دورها
كتحمله الغول ظنا أنه كبش وتقديمه لأمه كيس من الأفاعى عطية لما سألته عطاء
لطيفة متعلقة باسمه ولقي تأبط شرا ذات يوم رجلا من ثقيف يقال له أبو وهب ، كان جبانا أهوج وعليه حلة جيدة ، فقال أبو وهب لتأبط شرا: بم تغلب الرجال يا ثابت وأنت كما أرى دميم ضئيل؟ قال باسمي إنما أقول ساعة ما ألقى الرجل أنا تأبط شرا فينخلع قلبه حتى أنال منه ما أردت ، فقال له الثقفي: أقط؟ ، قال: قط ،قال: فهل لك أن تبيعني اسمك؟ ، قال: نعم فبم تبتاعه؟ ، قال: بهذه الحلة وبكنيتك قال له أفعل ففعل ، وقال له: تأبط شرا لك اسمي ولي كنيتك وأخذ حلته وأعطاه طمرية ثم انصرف وقال في ذلك يخاطب زوجة الثقفي:
ألا هل أتى الحسناءَ أن حليلَها .. تأبّطَ شراً واكتنيتُ أبا وهبِ
فهبه تسمى اسمي وسماني اسمه .. فأين له صبري على معظم الخطبِ
وأين له بأسٌ كَبأْسي وسَوْرتِي .. وأين لهُ في كلِّ فادِحةٍ قلْبِيمع الغيلانفى شعره يصف تأبط شرا معركة دارت بينه وبين غول-وانتصر هو فيها قطعا
-ولعلها اشهر قصائده
أَلاَ مَـنْ مُبْلِـغٌ فِـتْـيَـانَ فَهْـمٍ000 بِمَا لاَقَيْـتُ عِنْـدَ رَحَـى بِطَـانِ
بِأَنِّي قَـدْ لَقِيـتُ الغُـولَ تَهْـوِي000بِشُهْبٍ كَالصَّحِيفَـةِ صَحْصَحَـانِ
فَقُلْتُ لَهَـا : كِلاَنـا نِضْـوُ أَيْـنٍ000أَخُو سَفَـرٍ فَخَلِّـي لِـي مَكَانِـي
فَشَـدَّتْ شَـدَّةً نَحْـوِي فَأَهْـوَى000لَهَـا كَفِّـي بِمَصْقُـولٍ يَمَـانِـي
فَأَضْرِبُهَـا بِـلاَ دَهَـشٍ فَخَـرَّتْ000صَـرِيعـاً لِلْيَـدَيْـن وَلِلْـجِـرَانِ
فَقَالَتْ عُـدْ فَقُلْـتُ لَهَـا رُوَيْـداً000مَكَـانَـكِ إنَّنِـي ثَبْـتُ الْجَنَـانِ
فَـلَـمْ أَنْـفَـكَّ مُتَّكِـئاً عَلَيْـهَا000لأنْظُـرَ مُصْبِحـاً مَـاذَا أَتَـانِـي
إِذَا عَـيْـنَـانِ فِـي رَأْسٍ قَبِيـحٍ000كَـرَأْسِ الْهِـرِّ مَشْقُـوقِ اللِّسَـانِ
وَسَاقَـا مُخْـدَجٍ وَشَـوَاةُ كَلْـبٍ000وَثَـوْبٌ مِـنْ عَبَـاءٍ أَوْ شِـنَـانِ
وفيها من المبالغات الظاهرة مايغنى عن البيان
ومن رثائه للشنفرى قوله
في رثاء ابن اخته الشنفرى عَلَى الشَّنْفَرَى سَارِي الْغَمَام فَرَائِـحٌ000 غَزِيرُ الكُلَى أَوْ صَيِّبُ الْمَـاءِ بَاكِـرُ
عَلَيْكَ جَدَاءٌ مِثْـلُ يَوْمِـكَ بِالْحَيَـا000وَقَدْ رَعَفَتْ مِنِّي السُّيُـوفُ البَوَاتِـرُ
وَيَوْمُكَ يَـوْمَ الْعَيْكَتَيْـنِ وَعَطْفَـةٌ000عَطَفْتَ وَقَدْ مَسَّ الْقُلُوبَ الْحَنَاجِـرُ
تُجيِلُ سِلاَحَ الْمَوْتِ فِيْهِمْ كَأَنَّهُـمْ000لِشَوْكَتِكَ الحُـدَّى ضَئِيـنٌ نَوَافِـرُ
ويروى عن زواجه قصة هى للخرافة أقرب وفيها أنه أغار مع عصابته على قافلة واستلبها فلما قفل راجعا وجد فى السلب امرأة رائعة الجمال قالت له لأنت أضعف العرب ثم صرعته فما قدر على الحركة وكانت شديدة فلم يقدر أن يتفلت منها وزعمت أنها لم تقاومهم لأنها عشقته فتزوجها -على قبحه-وأنجب منها ولدا هو من أوضأ العرب
ولعل من المفيد ههنا أن نلقى نظره على شخصيته لنفهم نفسيته فهو على قوته وشجاعته كان صعلوكا حقيرا فى قومه مع قبح بين وسوء خلق مما جعله حانقا على الناس مستهينا بهم وكثر فى شعره وصف النساء اللاتى همن به شوقا مع تركه الالتفات إليهن -وهو عندى مصنوع لاحق فيه إنما لجأ إليه لجبر نقائصه-وتلك القصة عندى من بقايا ذلك
وحان الرحيل يا قاهر الغيلان قال: ومن يفر بالأعداء لابد أنه سيلقى بهم من مصرع الموت مصرعا، وها قد تحقق مبلغ علمه، رغم شجاعته وإقدامه إلا أن نهايته لم تكن إلا على يد غلام اسمه سفيان بن ساعدة تخبأ له وكمن وراء شجرة يترقبه، حتى إذا اقترب أطلق عليه سهما فأصابه في قدمه، فأدمى تأبط شرا ولحق بسفيان وقتله ثم عاد يعرج إلى رفاقه ليموت بينهم.
وقيل في رواية أخرى إن موته كان في غزوة من غزواته، فعرض له بيت من هذيل، فأراد أن يغزوه، فرده رفاقه لأنهم رأوا ضبعا يخرج من قرب البيت، فتشاءموا وتطيروا، بيد أنه لم يألف من ذلك وهجم على البيت مع جماعته فقتلوا شيخا وعجوزا وحازوا جاريتين ونوقا، وفرّ غىم إلى الجبل، فتبعه تأبط شرا، فرماه الغلام بسهم أصاب منه المقتل، وحمل تأبط على الغلام وهو جريح فقتله، ثم مات بسبب إصابته بالسهم في قلبه.
قيل أن سنة وفاته كانت 530 م وقيل سنة 540 م ، ومات تأبط شرا، ومات صعلوك بني فهم، وأنشد وهو يموت:
ولقد علمتُ لتعدُوَنَّم .. عليّ شتْمٌ كالحساكل-وهوكل ما تطاير من شرر الحديد-
ياكلنَ أوصالا ولحما .. كالشَّكاعِي غيرَ جاذِل
يا طيرُ كُلْنَ فإنني .. سُمٌّ لَكُنّ وذو دَغَاوِل -جمع داغلة وهى الداهية
ورحل قاهر الغيلان ولكن إن انسى لا أنسى قوله
ولا أتمنى الشر والشر تاركي .. ولكن متى أحمل على الشر أركب
ولست بمفراح إذا الدهر سرني .. ولا جازع من صرفه المتقلب